ظاهرة التسول عند الأطفال والنسوة

من طرف lokman30 الأحد 03 أكتوبر 2010, 16:35

دوافعها وآثارها والمخاطر الناجمة عنها
التسول ظاهرة إنسانية تفرضها عادة الأحوال الاجتماعية والاقتصادية ، وقد لاحظنا ازدياد هذه الظاهرة في مجتمعنا في الآونة الأخيرة بعد تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي ، لا سيما بعد سنوات الجفاف التي مرت بها المحافظة ، وازدياد نسبة البطالة، وبالتالي ازدياد معدل الفقر، و أصبح من النادر أو المستحيل أن تجد مكاناً يخلو من المتسولين، سواء كانوا من الأطفال والنسوة أو الكبار، أو حتى البائعين الذين نجدهم في الأسواق وعلى الطرقات وإشارات المرور وعلى أبواب المساجد وغيرها من الأماكن العامة يستجدون الناس لبيع ما لديهم. حيث تفاجأ بأيدي صغيرة تمتد إليك تطلب منك خمس ليرات أو ثمن سندويشة مصحوبة بأدعية ورجاء يجعلك ترأف بحالهم وتعطيهم .تلك الأيدي الغضة التي تحمل صندوق صغير وصوت مرتجف يرجوك أن تشتري منه شيئاً...

ولا يمكن اختزال هذه الظاهرة فقط في تلك العلاقة المباشرة مع الفقر، وقد يكون التسول عند البعض مهنة يكسب منها المال الكثير من دون مشقة، والبعض الآخر دعته الحاجة لأن يسلك هذا السلوك، ليحصل على ما يسد رمقه وأسرته من لقمة العيش
قصص من الحسكة :
هذه حكاية عدد من الأطفال والنسوة المنتشرين على طول محافظة الحسكة .و حكايات أخرى عن متسولات قاصرات يتجولن المحلات والبيوت والشوارع، مما يشكل خطراً كبيراً عليهن ويجعل من حياتهن مأساة ما بعدها مأساة ولا يستطعن البوح به لما يكتنف الغموض حياتهن الخاصة ولكنك تحس بأن هناك حكاية طويلة وراء كل واحدة منهن، و تبقى كل الحكايات والقصص مجرد كلمات تكلموا بها ولا تساوي شيئاً أمام صفعة تلقاه أحدهم من المارة أو كلمات بذيئة كالها أحدهم إلى هؤلاء الضعفاء في ظل غياب أي قانون يحميهم، ، و يعيد بعض الناس انتشار هذه الظاهرة إلى الفقر والبطالة وناس آخرون ردوه إلى إنها عادة أكثر مما هي حاجة .

للفقر أوجه متعددة ونتيجة واحدة ... والده غني وهو متسول غريب الأطوار ...

خالد :ذو السادسة عشر عاما، يلبس بيجامة رياضية رثة ومتسخة، تظهر عليه علامات الجنون، هو شاب لا يتكلم كثيراً ولكنه ينتقي زبائنه بدقة كبيرة وبخاصة إذا كان هذا الزبون من الوجوه الجديدة على الكراج، أو إذا كنت تمشي بجانب امرأة أو فتاة فإنه يقبض عليك بيديه القويتين ولا يتركك إلا إذا أعطيته النقود..
سائقي الكراج يتداولون عنه أن والده ميسور الحال، لكنه يشجع ابنه على التسول... خالد لا يصرف شيئاً من النقود التي يحصل عليها وهم على معرفة جيدة به، ويقول البعض بأنه يقوم بضرب بعض الناس إذا لم يعطه النقود ،ولكن خالد الذي يلازم كل سيارة يقوم بسحب أكمام القمصان أو بنكش كل راكب حتى يحصل على نصيبه عن كل سيارة تخرج من الكراج

التجول بالشوارع حرية ...
سلوى : تدعي بأنها من القامشلي عمرها أربعة عشر عاماً طفلة جميلة وطويلة القامة تدخل من محل لأخر في الحسكة , تلبس عباءة سوداء وشارب أسود ،ولكنها حركية تتغزل بكل من تصادفه من الرجال بألفاظها وكلماتها الغريبة بالنسبة إلى فتاة في عمرها فتقول: بأنها تحصل على مبلغ يتراوح مابين 500- 700ليرة سورية يومياً ولا تستقر في مكان وتعرف جميع مدن ونواحي المحافظة ،حين تحادثها تحس بأنها طفلة مقتولة في طفولتها تحاول أن تخفي ألامها وعذاباتها عنك تقول: بأن التسول والتجوال في الشوارع يعطيها الحرية وتحس بكيانها ، وتقول بأنها لا تدخل إلى محل يكون فيه رجل واحد فقط أو شارع خالي لأنها تعرف بأن الكثير من العيون تلاحقها وينتظرون الفرصة المناسبة للانقضاض عليها ،وتقول أحاول أن أحافظ على نفسي قدر الإمكان ولكن بالنهاية أتمنى أن أتزوج الآن وأن يكون لدي بيت وأولاد

يأخذ حقه فقط ويوميته 100 ل.س .
أحمد : ابن العشر سنوات فيمتلك ميزاناً يحصل من خلاله على خمس ليرات عن كل شخص يزن نفسه ،ويدرس الصف الخامس ويقول بأنه يحصل يومياً على (100-150) ليرة سورية ويجلس على جريدة ويقرأها أحياناً وتظهر عليه علامات الاجتهاد من خلال قراءته الجيدة ، وعندما حاولت أن أعطيه أكثر من حقه رفض أن يأخذها وقال :إن السعر هو خمس ليرات ،وفي محاولة مني لإقناعه بأخذها زنت نفسي أربع مرات أخرى ،ولكنه رفض إلا أن يأخذ خمس ليرات فقط ،وهذا ما أثار فضولي لسؤاله فقال بأنه الابن الثاني لعائلة مؤلفة من سبعة أفراد ووالده عاجز بسب فشل كلوي وإنه يقوم بمساعدة أهله عن طريق العمل وأخاه الآخر يعمل في مطعم ،ويقول الحمد لله نستطيع تدبير أنفسنا بمبلغ (250) ليرة ،ولكنني أرفض أن يعطيني الناس صدقة وهذا ما ربتني أمي عليه ويضيف : أعرف بأن الحياة صعبة ولكن علينا أن نعمل ،سأدرس الجامعة وأتمنى أن أكون مدرساً في المستقبل ،.
أهلي سبب تسولي
عائشة :هي عيني والدها الكفيف يضع يده على كتفها ويتجولا ن , تبلغ من العمر (14) عاماً تقول بأن والدها وأخوتها البنات الأربعة هن سبب التسول ولم تدرس لأن أخوتها البنات الغير شقيقات لا يساعدن والدها فلذلك هي مضطرة على مساعدة والدها ،وتقول بأنها تتعرض لمضايقات كثيرة ولكن يبقى والدها حساساً هكذا مواقف ،ومع ذلك يبقى والدها رجلاً عاجز ,

والدي تركنا وذهب إلى لبنان دون ربطة خبر
-محمد : عمره تسع سنوات مهنته التجول بين السيارات ومد يده الصغيرة للتسول من أصحابها ومن المارة أخته الصغرى ترافقه في كل جولاته يقول إن والده تركهم وذهب إلى لبنان للعمل ولكنه لم يعد ، وإن والدته تجبره على التسول لثمن ربطة الخبز ويقول أول ثلاثون ليرة أحصل عليها أشتري فيها الخبز وأعطيها لأختي لتأخذها إلى البيت والباقي أخذه معي إلى أمي، يوم الجمعة بالنسبة لمحممد هو أكثر الأيام فرحاً لأنه يجلس أمام باب الجامع ويذهب بعد صلاة الظهر إلى البيت ، حيث يجمع ما يبتغيه .
الحاجة وأطفالي سبب تسولي
تقول إحدى المتسولات التي لم استطع إن أتكلم مع أية واحدة إلا بما أجود عليها ببعض المال سألتها لماذا التسول قالت: فقدت زوجي في حادث ولا معيل لنا وليس لنا أحد حاولت البحث عن عمل دون جدوى وحينما ضاقت بي السبل انا وأطفالي الثلاثة لجأت إلى التسول لا حبا في الكسب السهل، إنما الحياة الصعبة جعلتني أمد يدي!!
تسولت بطلب من زوجي!!
أحيانا يكون التسول مهنة وصنعة يفتعلها البعض لا لحاجة إنما لسهولة ما يدخل الجيوب، فعلى أبواب أحد المساجد وقفت تلك الفتاة لتستجدي من المصلين والمارة بعد ان اخفت وجهها بالقماش الأسود وارتدت ما يدل على الفقر والعوز. تقول بعد تردد: زوجي دفعني إلى هذا العمل!! وهو يراقبني عن بعد ويراقب ما يدخل جيبي ليستحوذ عليه آخر النهار ويأمرني أحيانا بالضرب والتهديد إذا ما أردت ان أترك التسول ويقول: ماذا نعمل.. وماذا نأكل.. أنت قادرة على هذا العمل وأنا قريب منك اذا حصل لك مكروه، أنا أخاف منه لذا أتحايل واتسول بدلا من ضربي وطردي خارج البيت!!.
أطفال ونسوة يهيمون في الشوارع سعيا ًمنهم لتأمين قوت يومهم ،و توفير متطلبات أسرهم بطرق مختلفة، حتى لو وضع قانون يعاقبهم على ذلك، قد تكون ظروفهم أقوى و أقسى من العقوبات التي تترتب عليهم .
وفي هذا الجانب يقول المرشد الاجتماعي عبدا لرحيم محمد : تكمن خطورة هذه الظاهرة في أن هؤلاء الأطفال يعيشون أغلب أوقاتهم بعيدا ًعن الرقابة الأسرية، و عن التوجيه و الإرشاد الذي تقدمه الأسرة و المدرسة، وهذا ما يدفع الغالبية منهم إلى تعلم ثقافة الشارع و القائمة على تمجيد السلوك العدواني، و حب المغامرة و الانحراف و غيرها من السلوكيات غير المقبولة اجتماعيا ً، والتي تكون بالنسبة لهؤلاء أعمال بطولية يتفاخرون بها فيما بينهم،مثل السرقة، و تعاطي المخدرات، و شرب الكحول، و التدخين، فانتشار هذه الظاهرة يخلق جيل يعيش على هامش المجتمع، و يقوم بأعمال مخالفة للقانون تطال المجتمع بأسره، و يدفع المجتمع في وقت لاحق ثمنا ًباهظاً لمعالجة الآثار السلبية الناجمة عن ذلك.
فهذه الظاهرة إن دلت فإنما تدل على وجود خلل اجتماعي، فهي انتهاك لحقوق الطفل، وطريقاً مختصرة لعالم الجريمة والانحراف، واستمرارها يصيب الأجيال بالمرض والوهن، فحياة الإنسان منذ طفولته وحتى مماته، تمر بمجموعة من المراحل الإنمائية المتعاقبة، والطفولة التي هي مرحلة مبكرة من حياة الإنسان، هي من أكثر المراحل خطورة، حيث أن شخصية الإنسان الراشد تتشكل معالمها الأساسية سلباً أو إيجاباً في مرحلة الطفولة، وبالتالي يجب الاهتمام وتأمين كافة المتطلبات وشروط النمو السليم لها.
وللقانون رأي: المحامي أحمد علي : للحد من هذه الظاهرة الاجتماعية ذات الأثر السلبي في المجتمع ومعالجة الآثار المترتبة عليها يجب ,العمل على تحسين الظروف الاجتماعية لأسر الأطفال المتسولين والعاملين من خلال توفير فرص عمل لأولياء الأمور القادرين على العمل، أو تقديم المساعدات المادية الطارئة وضمان رواتب شهرية للعاجزين، ويجدر الإشارة هنا إلى أن القادر على العمل ولا يجد عملاً حكمه كالعاجز جسمانياً "مقعداً"ً لأن القوة الجسدية لا تطعم ولا تغني من جوع ما لم يكن معها اكتساب. وعلى الجهات القانونية العمل على دراسة هذه الحالة ووضع الحلول المناسبة لها، وكذلك نشر الثقافة وتوجيه إرشادات داخل أوساط المجتمع بهدف تغيير المفاهيم والاتجاهات الاجتماعية السائدة والمتعلقة بالطفل المتسول، والعمل من خلال التركيز على حقوق الطفل واحترام كرامته وحقه في العيش ضمن أسرة طبيعية توفر له الحاجات الأساسية
ظروف معيشية صعبة يعيشها المواطن في محافظة الحسكة التي تعاني من الفقر والإهمال وعدم وجود فرص عمل وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب وانحسار العمل بالزراعة مما يجعل من مشكلة التسول. في تزايد مستمر وتفرض على الدولة القيام بواجبها اتجاه هذه الفئة التي تعيش حالة مرعبة يجعل من هذه الفئة بيئة خصبة لمشاكل أخرى كالمخدرات والجرائم والسرقة ..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]